ما هي امكانية انتقال موريتانيا من الفقر الى الغنى؟
ن الحديث عن فقر الدولة في خطاب الرئيس خلال زيارته لاسبانيا، يعد من الخطابات الواعية نسبيا التي ينبغي توظيفها في إطار الوعي بالفقر الاجتماعي، كظاهرة، قائمة بذاتها، ولذاتها بمعنى أنها مطلوبة من جهات واعية بضرورة ابقاء بلادنا فقيرة للتحكم في استقلالها السياسي، والاقتصادي، والثقافي، وذلك تمهيدا لتفكيك الوحدة الاجتماعية متى شاءت تلك الأيادي الخارجية من امبريالية فرنسية، وامريكية تحديدا، وبواسطة تحريك العناصر التي اخترق بها الوعي الوطني في مختلف فئات المجتمع، كدور بعض رموز النخبة المخترقة في معظمها بوعي استلابي ..التي لا تجد غضاضة عن التعبير عن ولائها لفرنسا، وسياساتها، وهي لا تختلف عن رموز اخر ى موجهة بالوعي الإثني.. الأمر الذي يفترض معه طرح الظاهرة الرئيسة، الأساسية، كمشكل ينبغي توجيه به الرأي العام من طرف المسؤول الأول،رئيس الدولة، وبموضوعية من أجل الفهم، والدراسة، والبحث عن الحلول، لأن الوعي الواقعي، يشكل محاولة لتشخيص الظواهر المرضية لنظامنا القائم منذ اكثر من ستين عاما، والنظام السياسي يسير السلوك الاداري، والحكومي وفق رؤية، لم تكن مطمئنة في نظر رئيس الدولة للتسيير وفق توقعاته الرافضة للأداء الحكومي خلال الفترة الأولى من حكمه، كما هي مرفوضة من طرف الرأي العام الوطني، ولهذا، فعلى المواطن الواعي، أن يموضع مقولة ” موريتانيا فقيرة” في إطار التوجه العملي، للبحث عن حلول بديلة، فما هي الحلول البديلة التي تشكل البداية لنقلة نوعية في مجالات التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية؟
وليس بمستغرب أن تطرح الظواهر المستجدة، أو القديمة ذات التأثير الموجه للرأي العام الوطني.. لأن الأزمة الاقتصادية في العام 2008م جعلت مجموعة بحثية في جامعة” كمبردج”، أن تقوم بدراسة العلاقة بين انتشار مرض” السل” المنتشر في دول أوروبا الشرقية حينها، وبين القروض المالية من البنك النقدي الدولي، وكان من نتائج البحث وجود عامل ارتباط بين تفشي المرض، وبين تلك القروض القائمة على الرسومات المالية.. فهل توجهنا مثل تلك الدراسة الى الوعي بضرورة دراسة عامل الارتباط بين الفقر المستدام في موريتانيا، وبين القروض المالية المتنامية من المؤسسات المالية الدولية، والاقليمية؟
وهناك فرضيات عديدة تستحق الدراسة، ومنها: أن الدولة الموريتانية تواضعت على طلب المساعدات الخارجية في مواجهة المجاعات، وتلك المحاولات كان لها أثرها الإيجابي آنيا، لكن هل هناك علاقة ارتباط بين تلك المساعدات، وظاهرة الفقر المستدامة؟
أما الفرضية الأخرى الأهم، فهي: هل المؤسسات الإغاثية الرسمية التي امتاحتها، الدولة منذ أواخر السبعينات من حين لآخر، وذلك من اجل مواجهة الظواهر المعبر كل منها عن المشاكل الاجتماعية الناتجة من العجز المادي لدى الأسرة الموريتانية، وكذلك عن البطالة المقنعة، لخريجي الجامعات والمعاهد، وغيرها، فدفعت الدولة الى التدخل في مواجهة التحدي الداخلي، فهل هناك عامل ارتباط بين تلك المؤسسات، ودرجات الفقر ـ من فقير، وفقير جدا، وتحت خط الفقر ـ في المجتمع الموريتاني؟
وهل تسيير تلك المؤسسات المساعدة بمعزل عن التخطيط التنموي العام، ك ” تآزر” سببا مباشرا في تفاقم الاوضاع الاقتصادية، وبالتالي الحاجة المتنامية لتلك الاسهامات للاستهلاك اليومي بدلا من إدخالها في مجال التنمية القروية، وتوظيفها في إطار المشاريع الصغرى الخاصة المعمول بها في معظم البلدان النامية؟
إن الدراسات التربوية العديدة، أكدت العلاقة الارتباطية بين التخطيط التنموي، والاصلاح التربوي، الذي يقتضي التوجيه الى التخصصات المطلوبة في سوق العمل خلال الخطط التنموية، فما علاقة عدم التخطيط التربوي بظاهرة البطالة، وبالتالي تداعياتها من فقر اجتماعي خاص، مس حياة الخريجين، وعلى مستوى الاسرة الموريتانية، والمجتمع العام؟
وما علاقة عدم الإصلاح السياسي، والقضائي، والصحي، والتنموي، والخدمي،، بظاهرة الفقر من جهة تأثير الرشى المتفشية ،، على دخل الفرد الموريتاني، وتعطيل عمله لساعات طويلة في انتظار يقضي على وقت المواطن،،بالنظر الى أن الوقت يحسب بقيمته المادية.؟
وأخيرا:
فإن التساؤلات اعلاه، يثيرها المواطن، والمراقب العام، والباحث في التنمية الاجتماعية والاقتصادية،، لكن الفضل في طرحها من جديد، وبالحاح، هو سيادة الرئيس الذي أحال الوعي الوطني العام الى البحث عن المعوقات التنموية التي تحكمت في مصائر بلادنا،، وذلك رفضا، ومحاولة توعوية صادمة منه في سبيل تجاوز هذا الواقع المتردي من السيء الى الأسوأ..
فهل نحن مقدمون على قلب الطاولة على “السدنة ” الفاسدة في الحكومة ؟
لعل ذلك ما تشير اليه هذه الصحوة التوعوية للرئيس محمد ولد غزواني،، وهذا الذي نتمنى على الله تعالى..
إشيب ولد أباتي
وكالة أخبار نواذيبو